هرب المتنبي من مصر في يوم عرفة سنة 350 من الهجرة ،وكان كالأسير عند أميرها كافور الإخشيدي ،وراح يطوي الطريق طيا خوفا من اللحاق به ، وجنود كافور ينفضون الدروب بين مصر والشام يطلبونه، ووعدوا القبائل على الطريق بالعطايا الجزيلة إن أتوا به .
وحين اجتاز المتنبي بادية سيناء التجأ إلى صديقه ( حسان بن حكمة الفزاري ) سيد بني عدي بن فزارة ، وكانوا شاتين بجبال ( حسمى ) ، وهي جبال شاهقة بين تبوك وأيلة ( العقبة اليوم ) ، فأجارته بنو فزارة ، وأقام فيهم شهرا آمنا من جنود كافور التي تجوس الديار والقبائل بحثا عنه .
ثم تركهم المتنبي وواصل مسيره إلى الكوفة ، فأرسل إلى ( فليتة بن محمد الفزاري ) من بني مازن بن فزارة ، وهو من أحفاد ( هرم بن قطبة بن سيار ) ، فأتاه ( فليتة ) هذا وسار معه يحميه حتى أبلغه (دومة الجندل ) ونجا من جنود كافور والقبائل الطامعة في القبض عليه .
فقال المتنبي يمدح بني فزارة ويثني على جوارهم ( وهذان البيتان من زيادات ديوان المتنبي ) :
إذا ما كنت مغتربا فجاوربني هرم بن قطبة أو دثارا
إذا جاورت أدنى مازنـيفقد ألزمت أقصاهم جوارا
أن هذه القصة جرت في منتصف القرن الرابع ، وكما ترى فقد ظلت فزارة محتفظة باسمها وكيانها ، فنعلم من هذا أن ( مطير ) لم تتشكل نواتها حتى منتصف القرن الرابع .
ويقول ( ابن جني ) في كتابه ( الخصائص ) 2 | 27 إن المتنبي حدثه أن الأعراب الذين لقيهم في هروبه من مصر ( ولم يذكر أسماءهم ) كانوا مقيمين على فصاحتهم العربية لم تنحرف إلى العامية ، وهي إشارة مهمة على الباحثين أن يجعلوها نصب أعينهم وهم يسلكون مجاهل التاريخ